هجرته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى المدينة
==============================
اشتدت قريش في أذى المسلمين ، والنيل منهم فمنهم من هاجر الى الحبشة مرة أو مرتين فراراً بدينه... ثم كانت الهجرة الى المدينة ، فاستأذن أبو بكر النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة ، فقال رسول الله له: ( لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحباً ) ، فكان أبوبكر يطمع أن يكون في صحبة النبي صلى الله عليه وسلم.
: وجاء في رواية البخاري عن عائشة رضي الله عنها في حديث طويل تفاصيل مهمة ، وفي ذلك الحديث
(......قالت عائشة: فبينما نحن يوماً جلوساً في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة قال قائل لأبي بكر هذا رسول الله متقنعاً ، في ساعة لم يكن يأتينا فيها ، فقال رسول الله لأبي بكر: أخرج من عندك ، فقال أبوبكر: إنما هم أهلك. فقال: فإني قد أذن لي في الخروج ، فقال أبوبكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله ، قال رسول الله: نعم ، قال ابوبكر: فخذ بأبي أنت يا رسول الله إحد راحلتي هاتين ، قال رسول الله: بالثمن ، قالت عائشة: فجهزناهما أحسن الجهاز ، ووضعنا لهم سفرة في جراب ، فقطمت أسماء بنت أبي بكر قطعة من نطاقها فربطت به على فم الجراب ، فبذلك سميت ذات النطاقين ، ثم لحق رسول الله وأبو بكر بغار في جبل ثور ، فكمنا فيه ثلاث ليال يبيت عندهما عبدالله بن أبي بكر وهو غلام شاب ثقف ، لقن ، فيدلج من عندهما بسحر ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت ، فلا يسمع أمراً يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ...... ) إلى أخر الحديث
: وسجل الحق عز وجل ذلك في قوله تعالى
ا( إِلاَّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيم ٌ) - (التوبة:40)ا
كان يوم وصول الرسول صلى الله عليه وسلم وأبي بكر إلى المدينة يوم فرح وابتهاج لم تر المدينة يوماً مثله ، ولبس الناس أحسن ملابسهم كأنهم في يوم عيد ، ولقد كان حقاً يوم عيد ، لأنه اليوم الذي انتقل فيه الاسلام من ذلك الحيز الضيق في مكة الى رحابة الانطلاق والانتشار بهذه البقعة المباركة المدينة ، ومنها الى سائر بقائع الأرض لقد أحس أهل المدينة بالفضل الذي حباهم الله به ، وبالشرف الذي اختصهم الله به ، فقد صارت بلدتهم موطناً لإيواء رسول الله وصحابته المهاجرين ثم لنصرة الاسلام كما أصبحت موطناً للنظام الاسلامي العام التفصيلي بكل مقوماته ولذلك خرج أهل المدينة يهللون في فرح وابتهاج ويقولون يارسول الله يامحمد يارسول الله ، وبعد هذا الاستقبال الجماهيري العظيم الذي لم يرد مثله في تاريخ الانسانية سار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل في دار أبي أيوب الانصاري رضي الله عنه ، ونزل الصديق على خارجة بن زيد الخزرجي الأنصاري.
وبدأت رحلة المتاعب والمصاعب والتحديات ، فتغلب عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم للوصول للمستقبل الباهر للأمة والدولة الإسلامية التي استطاعت أن تصنع حضارة إنسانية رائعة على أسس من الإيمان والتقوى والإحسان والعدل بعد أن تغلبت على اقوى دولتين كانتا تحكمان في العالم ، وهما الفرس والروم ، وكان الصدّيق رضي الله عنه الساعد الأيمن لرسول الله صلى الله عليه وسلم منذ بزوغ الدعوة حتى وفاته.
وكان أبو بكر ينهل بصمت وعمق من ينابيع النبوة: حكمة وإيمانا ً، يقيناً وعزيمة ، تقوى وإخلاصاً ، فإذا هذه الصحبة تثمر: صلاحاً وصدِّيقية ، ذكراً ويقظة ، حُباً وصفاء ، عزيمة وتصميماً ، إخلاصاً وفهماً ، فوقف مواقفه المشهودة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، في سقيفة بني ساعدة وغيرها من المواقف وبعث جيش أسامة وحروب الرد ة ، فأصلح مافسد ، وبنى ماهُدم ، وجمع ماتفرق ، وقوّم ما انحرف.
وقد شارك أبو بكر رضي الله عنه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الغزوات.
ذكر أهل العلم بالتواريخ والسير أن أبا بكر شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم بدراً والمشاهد كلها ، ولم يفته منها مشهد ، وثبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حين انهزم الناس ودفع إليه النبي صلى الله عليه وسلم رايته العظمى يوم تبوك وكانت سوداء.
وقال ابن كثير: ولم يختلف أهل السير في أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه لم يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مشهد من مشاهده كلها.