الجاسوس حسين صميدة: باع العراق وسوريا وفلسطين للموساد الإسرائيلي من أجل 250 دولار ومثله الأعلى الجاسوس إيلي كوهين
صدر في عام ١٩٩١ وبالإنجليزية في كندا والولايات المتحدة كتاب أصبح الآن في مزبلة التاريخ (دائرة الخوف) يروي قصة الجاسوس العراقي حسين صميدة الذي تفاخر بتجسسه على شعبه، وارتمائه بأحضان الموساد.
رغم قدم الكتاب لكن اطلاع القراء العرب عليه ضروري كي يكونواعلى معرفة بأساليب الجواسيس الذين ينشطون هذه الأيام وفي كل الاتجاهات. فيما يلي لمحة عن الكتاب لإلقاء الضوء على أساليب التجسس ونقل المعلومات.
Circle of Fear: My Life as an Israeli and Iraqi Spy
دائرة الخوف: حياتي كجاسوس إسرائيلي وعراقي
مؤلف الكتاب الكاتبة الكندية كارول جيروم على لسان الجاسوس العراقي حسين صميدة الذي وضع اسمه على الكتاب بجانب اسم الكاتبة الكندية.
قدم الإهداء إلى زوجته (بان) التي رضيت بخيانته، وتجسسه، (رغم أنها عراقية مثله)، فقررت الهروب معه لتباركه جاسوسا حقيرا فهنيئا لها على احتضانها لخائن لشعبه.
حسين صميدة جاسوس تباهى في كتابه (دائرة الخوف) بتجسسه ليحصل على حق اللجوء السياسي في كندا، وعلى دعم المنظمات الصهيونية لكتابه بالترويج له لعله يصبح من مشاهير الجاسوسية في العالم.
منذ بداية الكتاب يبدأ الجاسوس حسين علي صميدة بإلقاء اللوم على والده الذي دفعه للخيانة!!! لأنه (أي والده) كان يضربه وهو طفل صغير، وكان جافا معه، ولا يشتري له الهدايا والألعاب كما يشتري الآباء لأبنائهم. ولأن أباه كان أحد رموز نظام البعث العراقي ومن المدافعين عن صدام حسين الرئيس العراقي الراحل، فقد أصبح حسين صميدة يحقد على أبيه، وعلى صدام حسين ويفكر بأفضل الطرق للانتقام منهما.!! وكأن حسين صميدة الطفل الوحيد الذي ضربه أبوه أو أساء معاملته!
لم يوضح لنا حسين صميدة في كتابه لماذا كان يضربه أبوه لكن أحداث الكتاب على الأقل تكشف لنا كيف أن الطالب حسين صميدة كان مستفيدا من مرتبة أبيه الحزبية، والسياسية حيث كان يتلقى معاملة خاصة من المعلمين في المدرسة والتحق بأفضل الجامعات في بريطانيا، وكانت سيارة خاصة تنقله من وإلى المدرسة، فيما الآخرون يذهبون سيرا على الأقدام.
حسين صميدة ـ كما جاء في الكتاب ـ ابن علي محمد صميدة أحد أقطاب النظام العراقي في عهد صدام حسين، وتونسي الأصل هرب من تونس في أواسط القرن العشرين لأنه كان من المعارضة التونسية وتوجه إلى سوريا ثم إلى العراق ليلتحق بنظام البعث العراقي ويصبح من رموزه.
أمه عراقية شيعية ورغم انحيازه إلى طائفة أمه نكاية بأبيه، كما يدعي، لم يترك لها شيئا تفتخر به عندما رمى نفسه في أحضان الموساد وتجسس على الطلاب السوريين، والفلسطينين، والعراقيين، بل وضع على جبينها وصمة عار ستظل تلاحقه وتلاحق أبناءه من بعده الذين سيكتشفون عندما يكبرون أنهم كانوا أولاد رجل خان شعبا، وأمة وأهلا وبلدا احتضنته.
ولأن الكتاب قد جاء ليخدم الأغراض الصهيونية التي جند نفسه مجانا للدفاع عنها فهو يبدأ بالتساؤل في الصفحات الأولى للكتاب:
- لماذا لم تكن المناهج التعليمية في العراق تعلمهم عن الاضطهاد الذي تعرض له اليهود على أيدي النازيين؟
ولم يكن يثيره لماذا لا يعلم اليهود في إسرائيل أبناءهم عن الجرائم التي ارتكبوها بحق الفلسطينين، والمصريين، واللبنانيين، والاردنيين؟!
إن الطريقة التي يقدم فيها الجاسوس حسين صميدة كتابه وتاريخ حياته تؤكد -كما يصف- نزوعه إلى الخيانة منذ كان طالبا في إحدى مدارس بغداد. ولا أدري إن كان يشرح ذلك ليتلقى وساما من الموساد أم لكي يكشف بوضوح نزعته الخيانية مما يعطينا انطباعا أن والده كان يضربه لأعماله الشاذة وليس العكس. فهو يشير في صفحة رقم (7) أنه عندما قرأ عن الجاسوس الإسرائيلي – كوهين – الذي أعدمته سوريا أعجب به، وتمنى لو كان (إيلي كوهين) أباه!!
وفي ص (18) يتباكى حسين صميدة على اليهود المساكين وما فعله نبوخذ نصر -أحد ملوك بابل القديمة- بهم عندما دمر مملكتهم في أرض كنعان ونقلهم أسرى إلى العراق، ولم يعلق عما فعله اليهود أنفسهم في تلك الفترة بالكنعانيين، والفلستينيين، والمؤابيين، وغيرهم عندما كانوا يقتلون حتى الرضع منهم بدعوى أن الرب أمرهم بذلك كما تشير كتبهم التواراتية المزعومة.
في صفحة (33) يتباكى حسين صميدة في كتابه المليء بالأحقاد عن اضطهاد النظام العراقي ضد الشيوعيين العراقيين ولكن يضيف إليهم اليهود، فهو يساوي بين الشيوعيين المناضلين في حينه من أجل عراق حر ديمقراطي، وبين اليهود الذين كانوا يتجسسون لحساب إسرائيل في العراق والذين ألقي القبض عليهم واعترفوا بجرائمهم التي ألف عنها الكاتب المصري ( فريد الفالوجي) كتابا شاملا يوضح تغلغل الموساد بين أوساط اليهود العراقيين ودفعهم للتجسس على العراق من خلال استخدام أساليب الدعارة والمال، لاسقاط بعض العراقيين. وهو بذلك يسئ للشيوعيين العراقيين كما أساء بعضهم لأنفسهم فيما بعد عندما ارتضوا الارتماء في أحضان الولايات المتحدة لتخلصهم من نظام صدام حسين، بدل أن يناضلوا هم أنفسهم لتخليص العراق ممن نظام الفرد الواحد.
ولد والده علي محمد صميدة في تونس عام 1935 لجد لديه أكثر من زوجة. وبعد وصول الحبيب بورقيبة إلى السلطة في تونس بدأ أبوه بالعمل سرا ضد النظام البورقيبي فسجن وحكم بالإعدام. لكنه استطاع الهرب إلى مرسيليا ثم إلى سوريا. وهناك انضم إلى حزب البعث. لكنه لاحقا هرب إلى العراق بسبب انقسامات حزب البعث في سوريا وانضم إلى حزب البعث العراقي على أنه جزائري، وأخفى عن المسؤولين أنه تونسي، والتحق بجامعة بغداد.
وهناك تعرف أبوه على أمه العراقية الجميلة الناعمة كما يصفها واستطاع أن يتزوجها عبر نفوذه الحزبي مع أنها لم تكن تحبه حسب ادعائه