الرئيس الفرعون
بقلم: إبراهيم عيسي
لا اظن ان كثيرين منا باتوا يذكرون يوم بكى حسنى مبارك و ادمع فى خطابه الاول على منصه مجلس الشعب حين ذكر اسم الرئيس السادات .
وقال انه لم يكن يتصور ابدا فقدانه او العمل بعده .
تعاطف الناس يومها مع رئيسهم العاطفى الدامع فى لحظه تأثر حقيقيه .
تشبه تلك التى اصابت الرئيس السادات نفسه يوم جنازه جمال عبد الناصر .. حتى انه اغشى عليه ونقلوه محمولا بعيدا عن الجنازه من فرط البكاء و التأثر على جمال عبد الناصر .
تعال انظر الآن الى الرئيس مبارك .. هل هو نفسه الرجل الذى كانه منذ خمسه وعشرين عاما . هل هو الرجل الذى نهر المصورين لانهم اكثروا من التقاط الصور له .
هل هو الذى قال : الكفن مالوش جيوب .
هل هو الذى قال : مدتين كفايه قوى .
( طلع الرئيس مبارك اول من قال كفايه )
انظر الآن للرئيس مبارك .. وهو يعتقد ان مصر ستنهار لو مضى وتنحى عن الرئاسه .
وانه يحكمنا ليس محبه فى الحكم .. ولا غراما فى السلطه .. ولا تمسكا بالنفوذ .. ولا تشبثا بالرئاسه . بل من اجل مصلحه مصر و استقرارها .
تبدل الرجل تماما على مدى خمسه و عشرين عاما .
وقد ساهم الشعب فى هذا التبدل و التغيير .. وفى تراجع تواضع الرئيس .. حتى صار علوا فى الارض . وتحول زهده فى السلطه .. الى تشبث بها .
ساهم حسنى مبارك نفسه فى تغيير نفسه .. وشاركه .. صفوت الشريف .. و يوسف والى .. و زكريا عزمى .. وكمال الشاذلى .. وفتحى سرور .. و مفيد شهاب .. و مصطفى كمال حلمى .. و ابراهيم نافع .. و سمير رجب .. و ابراهيم سعده .. وكل وزراء الداخليه .. و مديرى جهاز امن الدوله .
كل هؤلاء .. الذين استفادوا بالبقاء فى الحكم .. وتحت ضوء وفلوس ونفوذ السلطه .
هم الذين شاركوا .. فى تحوله من الرئيس الذى يريد ان يبدوا المتواضع الزاهد فى السلطه و السلطان .. الى الرئيس الابدى المستبد .
ويفسر الباحث نبيل هلال .. فى كتابه " الاستبداد و دوره فى انحطاط المسلمين " .. مصطلح الاستبداد .. بانه " هو الاستيلاء على السلطه .. والاستئثار بها .. ومنع تداولها سلميا .. واساءه استغلالها .. و التوصيه بها لابن او لاخ او من يختاره المستبد بنفسه " .
و الاستبداد هو " مصادره حق الامه .. فى ان تختار بنفسها من يحكمها .. وحرمانها من ان يتولى قيادتها اصلح ابنائها .. من الذى تجمع عليه ارادتها .. وفى ذلك مصادره لحق كل مواطن .. اى مواطن .. فى ان يتولى قياده الامه .. ان ارادت ذلك وصلح هو " .
وهل سطا مبارك على السلطه ؟ وبماذا تسمى ال 99% و 98 % ..و التعديل الملوكى الخصوصى للماده 76 فى الدستور .
الا تسمى التزوير سطوا على السلطه ؟ انا اسميه اغتصابا للسلطه و للوطن .
ثم ان هذا الشعب الذى يلعب دور الضحيه الآن ..
هو الذى صنع .. قبل الجميع .. و بعدهم .. بخوفه و جزعه و خضوعه .. وسكوته و نفاقه .. فرعونيه وفرعنه الحاكم .
تحول الرئيس .. من الرئيس المواطن .. الى الرئيس الفرعون .. فانتهى بنا الامر الى ما نحن فيه الآن .
رئيس لا يتحرك شيئ فى الوطن و لا يتنفس .. الا باذنه .
لاتوجد ديمقراطيه .. تسمح بان تصبح الحريه فى يد رئيس .. يمنحها لمن يشاء .. ويمنعها عمن يشاء .
لا يوجد قانون .. فى بلد يتم استخدام القانون فيه حسب رغبه السيد الرئيس .
لهذا لن يغير الرئيس مواد الدستور .. ولن يتنازل ولو بشبر .. ليلبى مطالب الناس .
لن يغير شيئا .. لانه ليس حسنى مبارك 1981 .. بل هو حسنى مبارك 2006 .
كيف يتراجع .. و يمتثل لاراده الجماهبر .. وهو يرى انها تعيش من فضله خير حكمه .
كيف يرحم مصر .. و هو يرى انها ستموت لو ترك حكمها .
وكيف نفرض عليه ان يفعل .. و نحن شعب خامل ؟
بعد 25 عاما .. من حكمه .. بالحديد و النار ..و الاغواء و الاغراء .. و الطواريئ والتعذيب و الاعتقالات .. و النفخ فى الاقسام و السجون .. و بانتشار الرشوه بين الناس .. وبانسحاق الفقراء و سطوه الاغنيا