بسم الله الرحمن الرحيم
المشكلة ليست في الحكومة أو الفقر بل في الشعب!
نبيل فاروق في حفل توقيع كتابه يا عيني يا مصر بمكتبة ديوان جامعة القاهرةاستضافت مكتبة ديوان بجامعة القاهرة الأديب د. نبيل فاروق؛ لمناقشة الطبعة الثالثة من كتابه "يا عيني يا مصر"، الذي يتناول المتغيرات التي طرأت على المجتمع المصري خلال الفترة الأخيرة.
بدأ الدكتور نبيل فاروق الحديث حول الصراع بين القديم والحديث، مستغرباً وجود صراع من الأساس، فعلى سبيل المثال لا يمكن للفرد أن يعيش بدون أهله، ولا يمكن للأهل الاستمرار في الحياة دون وجود الأبناء، وفكرة أن وجود شباب يدخلون الساحة مع القديم هي فكرة طبيعية، وإذا لم يظهر جيل جديد بفكر جديد فإن هذا لا يعني إلا وجود خلل في التركيبة الإنسانية ذاتها.
فكرة قطع الشجرة القديمة ليست واردة، ولكن زرع شجرة جديدة أمر ممكن، ولا تزال كتابات عميد الأدب العربي طه حسين أو العملاق عباس محمود العقاد تشد انتباه القراء حتى يومنا هذا، بل والكتب الأقدم من تلك المرحلة مثل كتب التراث.
وأشار د.نبيل إلى أن المشكلة الحقيقية هي كيفية التواصل بين الأجيال، فلولا الفكر القديم لما كان الفكر الجديد، فلا يوجد فكر ينشأ من فراغ.
ورصد د.نبيل اهتمام الجيل الحالي بالقراءة ورواج النشر بالقول إن جيله من الكتاب يكتب ثم تسرق أعماله وتنشر في الإنترنت، اليوم المدونون الذين ينشرون أعمالهم على الإنترنت تقوم دور النشر بتجميع أعمالهم في كتب منشورة وتحقق مبيعات، مما يؤكد استمرار سحر الكتاب المطبوع، فالمدونات منشورة مجاناً على الإنترنت ومع ذلك يُقبل القارئ على اقتناء الكتاب المطبوع، ولا يزال الاحتفاظ بالكتاب المطبوع في المكتبة يسعد الشخص المثقف، فلا يمكن للجديد أن يجتث القديم، وإلا انهار هذا الجديد بدوره.
وتحدث د.نبيل عن مشاكل الحوار في العالم العربي، مشيراً إلى أن غياب الحرية هو الشيء الحقيقي الذي ينقصنا، وعرف د.نبيل الحرية بأنها الحق في الحركة فكرياً أو سياسياً أو غير ذلك دون أن أتعدى على حقوق أو حرية الآخرين.
وأشار د.نبيل إلى أن تفهّم العالم العربي لمفهوم الحرية سوف يجعله يتقبل الآخر، مشيراً إلى أنه دافع طوال حياته عن حق الآخرين في معارضته، وطالما أفرد صفحات لمعارضيه في سلسلة كوكتيل 2000 في باب عزيزي القارئ الذي ينشر رسائل القراء، فكان ينشر رسائل الإشادة والمعارضة على حد سواء؛ لأن تأمين مساحة للمعارضة من أجل إبداء رأيهم يتسق مع مفهومه -والحديث لا يزال لد.نبيل- عن الحرية، فالعقل يقود إلى الحرية والحرية تقود إلى الإيمان والإيمان يقود إلى هدوء النفس.
وأشار د.نبيل إلى أن العالم العربي مُغرَق في مشاكل فرعية، وعزف عن مناقشة مشاكله الرئيسية، فنجد كل هذا الضجيج حول مباراة كرة قدم وما ترتب عليها من تفجير للعلاقات بين دولتين عربيتين، كما أن مشكلة التعصب الديني شغلت الفكر العربي طويلاً.
ويشير د.نبيل إلى شيوع فكرة أن القويّ عليه أن يسحق الضعيف في المجتمع، حيث نرى هذا الفكر في العلاقة بين أستاذ الجامعة والطلاب وداخل الأسرة الواحدة كذلك، وأصبحنا كلنا قاهرين ومقهورين، نقهر من نتحكم فيه، ويقهرنا من يتحكم فينا.
وواصل د.نبيل رصده للمتغيرات الفكرية في مصر، بالقول إن هنالك إصرارا على الفظاظة، وبغلظة القلب ونظن أن هذا هو الإيمان، ووصلت العصبية اليوم إلى أننا نطيع أوامر البشر ولا نطيع أوامر الخالق، بل وجرى استخدام الدين في أشياء أخرى مثل الموظف الذي يترك محل عمله بحجة تأدية صلاة الظهر فلا يعود إلا بعد أداء صلاة العصر، بينما نفس الموظف في بيته يؤدي الصلاة في دقيقة واحدة قبل أن يهرع إلى المقهى للجلوس مع أصدقائه.
واستدرك د.نبيل أنه يشعر أن الناس نزعت من فكرها فكرة الاستمتاع بالحياة، وأن الناس لديها شعور دائم بالذنب وتأنيب الضمير كلما سعدت، وسارعنا إلى تحريم كل شيء فيه متعة.
ويكمل د.نبيل بالقول إن الشعب المصري شعب فقير جداً، والأسوأ أنه تعلم ألا يعمل، لا يرغب في بذل جهد، حتى النظم نفسها كسولة، الشرطة متعنتة مع الناس؛ لأنها كسولة، فالعمل الصحيح الذي يراعي حرية المواطن ويحقق الأمن في نفس الوقت لا بد من بذل مجهود، وبدلاً من ذلك يتم اللجوء إلى الأساليب المعروفة فيتم جرجرة أحد المواطنين ويتم ضربه بغض النظر عن تورطه في الأمر من أجل معرفة من الجاني، فمهم بالنسبة لهم أن يتم "تقفيل الدفاتر" لا أكثر ولا أقل.
والآن أصبح الهدف ليس العمل من أجل توفير الدخل اللائق، بل البحث عن وسيلة لجني الثروة، وأصبح الجميع يسعى إلى أن يكون مطربا أو لاعب كرة أو ممثلة؛ لأن هذه الفئات الأعلى دخلاً، ونسي الجميع أنه حتى تلك الفئات تعبت من أجل الوصول إلى هذا المستوى، فلاعب الكرة يتدرب كل يوم، والممثل أو المطرب يجري بروفات وجلسات عمل وتصوير طوال الليل والنهار.
ويؤكد د.نبيل أن هذه المتغيرات الفكرية هي السبب فيما وصل إليه الشعب والوطن، وليست الأسباب الأخرى التي يسوقها البعض، فإذا حاول البعض القول إن الدكتاتورية هي السبب فإن المكسيك بها دكتاتوريات ومع ذلك أفضل منا، يقولون لك العصبية والفوضى في الشارع بسبب الزحمة، ومع ذلك الزحام في نيويورك أكثر من شوارع القاهرة، يقولون لك الفقر، نجد أن الهند أكثر فقراً ومع ذلك أفضل حالاً، فالمشكلة ليست في النظام أو الفقر أو الزحام أو غيره، بل المشكلة في نفوس الناس التي لا تعمل، لا أحد يريد أن يعمل أو يشغل نفسه.
وحول أعماله الجديدة، أشار د.نبيل إلى قرب صدور كتابه الجديد "مصر بتاعتهم"، إضافة إلى كتابه "عزبة أبوهم"، وكلاهما يناقش ما جرى في مصر مثل كتاب "يا عيني يا مصر".
منقول من موقع روايات 2
بواسطة عاشق المنتدى